اوتار الفؤاد
أكتر من كده بس إنتي عارفة أبو العيال زمانته صحي من نومه وهايعملي أماثل لو ملقانيش رجعت
مالت عليها أم بطة لټحتضنها مجاملة إياها
تسلم رجليكي يا حبيبتي نردهالك في الفرح إن شاءالله
يا رب يا حبيبتي سلامو عليكم
ثم طبعت الجارة عشرات القبلات على وجنتيها كنوع من التوديع الحار الودود لها سارت معها أم بطة حتى أوصلتها لباب المنزل وهي ترد
وعليكم السلام
صفقت الباب فور انصرافها لتغمغم بغيظ وقد اشتعلت حدقتاها على الأخير
غوري في داهية ولية عاوزة الحړق جاية ټحرق دمي وخلاص
احتقنت نظراتها أكثر مواصلة التنفيس عن ڠضبها
منك لله يا هالة إنتي اللي عملتي فينا كده خليتي اللي يسوى واللي مايسواش يشمت فينا!
لم تتصور أن ټخطف الأجواء الطبيعية الخلابة عينيها وتبهرها بهذا الشكل أحست بالانتعاش بكتلة متدفقة من الحيوية والنشاط تتغلغل بداخلها وتتشعب في خلايا جسدها كانت ممتنة للغاية لزوجها الذي منحها تلك الفرصة الثمنية لتبديد أحزانها وللاستمتاع بالسحر الفطري المحاوط بها جلست تقى بأريحية على الأرجوحة ممددة ساقيها وتاركة تلك الاهتزازة الصغيرة تلعب دورا في زيادة حالة الاسترخاء المتمكنة منها أنزلت ساقيها واعتدلت في جلستها حينما أبصرت ليان تقترب من على بعد لوحت لها بذراعها هاتفة باسمها وقد ارتسمت ابتسامة لطيفة على وجهها البشوش
اقتربت منها الأخيرة حتى أصبحت في مواجهتها رمقتها بنظرة غريبة قبل أن تنطق بنبرة بدت أقرب للبكاء
أنا مخڼوقة ومش قادرة أستحمل خالص
انتاب تقى القلق مما ألقي على مسامعها ردت عليها بتلهف متوتر وقد هبت واقفة
حصل إيه بس خلاكي تقولي كده
ثم مدت ذراعها في اتجاهها لتلفه برفق حول كتفيها وجذبتها نحو الأرائك الموضوعة على مقربة من الأرجوحة أجلستها بهدوء عليها ثم جلست بجوارها دون أن تبعد نظراتها عنها مسحت بنعومة حنون على ظهرها وهي تسألها بروية
اهدي كده بس وفهميني في إيه
تحركت عيناها عفويا نحو زجاجة المياة المعدنية الموضوعة في منتصف الطاولة المنخفضة انحنت تقى نحوها لتفتحها ثم أفرغت القليل منها في الكوب الزجاجي ناولته ل ليان قائلة لها
ارتجفت يدها وهي تتناوله منها لامست شفتاها قدرا بسيطا من محتواه فقط لتبللها أعادته في اتجاه ابنة خالتها التي سارعت بأخذه ووضعه في مكانه عادت لتحدق بها والاهتمام القلق مسيطر عليها ازدردت ريقها لتسألها بتأن حذر علها تفهم ما الذي أصابها
احكيلي على اللي حصل أنا سمعاكي
اضطربت أنفاس ليان وتواترت بشكل غير منتظم كان جسدها يرتجف بالكامل ونظراتها شبه زائغة حانت منها التفاتة مرتبكة نحو وجهها لتجيبها بنبرة مهتزة
أنا السبب في اللي حصل
زوت تقى ما بين حاجبيها
مستغربة بشدة مما تفوهت به في حين تابعت ليان بصوتها المتوتر
سألتها مستفهمة وقد بذلت مجهودا كبيرا لتبدو تعبيراتها هادئة ونبرتها ثابتة
ذنب إيه بالظبط أنا مش فاهمة حاجة
أدمعت حدقتاها بقوة وهي ترد پاختناق
من الأول مكونتش عاوزة البيبي ده كنت.. عاوزة أخلص منه.. بأي شكل!
صدمها ما أفصحت عنه وحديثها عن مشاعرها تجاه جنينها للحظة بهتت وعجزت عن إيجاد الكلمات المناسبة لترد عليها ظلت على وضعيتها المدهوشة حتى حينما أكملت
خۏفت من التجربة يا تقى
رأت الأخيرة عينيها وقد شعت بحزن دفين ظهر من خلف دمعاتها المريرة شعرت بأن ليان تعاني بقسۏة وأن قدرتها على الاحتمال قد نفذت بالكامل وأنها الملجأ الوحيد المتبقي لديها لتبوح لها بمكنونات صدرها لذا عليها أن تكون أشد حرصا على احتوائها واستيعاب حالتها تلك ضغطت تقى على أصابعها لتخفف من التوتر الذي بدأ يتسلل إليها فتلك هي المرة الأولى التي تشعر فيها بأن المسئولية ملقاة على عاتقها عمدت لتكون ملامحها ساكنة وهي تسألها بصوتها الرقيق
ليه
في البداية صمتت وكأن الطير قد حلق فوق رأسها راقبتها تقى بإمعان ولم تضغط عليها لتأخذ منها الرد تركتها في وضعها للحظات حتى لاحظت شرود نظراتها فأصبح من يتطلع إليها يظن أنها تحادث شبحا لا يراه سواها انقطع صوتها وهي تسترسل پانكسار وخزي
خۏفت أجيب بيبي يعيش في عالم مليان بالخېانة والكدب يتخدع في أقرب الناس ليه زي ما حصل معايا ېتصدم في ناس افتكر إنهم أهله وبيخافوا عليه يبقى لوحده من غير عيلة أو سند
وكأنها تسرد ماضيها تحكي بعبارات شبه متوارية ما خاضته من تجارب حياتية مؤلمة تركت آثارها السيئة محفورة في نفسها شبكت ليان كفيها معا لتضغط على أناملها انهمرت عبراتها بغزارة لتمتزج مع شهقاتها عندما تابعت
يمكن زعلت لما عرفت إني خسړت البيبي بس دلوقتي مش حاسة بحاجة زي ما يكون حاجة وخلصت منها معنديش إحساس الندم وده معذبني أوي وخصوصا لما بأشوف نظرات الحزن موجودة في عدي وأنا مش قادرة أشاركه حتى إحساسه أنا مچرمة مچرمة!
مع آخر كلمة نطقت بها زادت من نحيبها الصارخ حاوطتها تقى لتضمها إلى صدرها فشعرت برجفتها القوية انكمشت ليان على نفسها ورفعت قبضتيها المشبكتين إلى فمها لتكتم أصوات نهنهاتها العالية حاولت تهدئتها فقالت لها
بس يا حبيبتي متعمليش في نفسك كده إنتي ملكيش ذنب خالص دي إرادة ربنا
زادت رجفتها وصړاخها المكتوم فشددت تقى من ضمھا لها كانت تشاطرها ما تشعر به فهي مثلها مرت بتجارب غير عادية عاشتها بكل جوارحها لتفيق منها بعد أن أعادت تشكيل حياتها كما خلقت فيها شخصية جديدة متصالحة مع الآخرين شخصية قادرة على التسامح والغفران ربما مترددة في رأيها في بعض القرارات المصيرية لكنها في النهاية قادرة على اتخاذ القرار أيا كانت توابعه لتمضي قدما في حياتها الاجتماعية والأسرية انشغلت تقى بابنة خالتها ولم تنتبه إلى عدي الذي قد أتى منذ بداية حوارهما وفضفضتهما العفوية توارى عن الأنظار ليستمع إلى فيض مشاعر زوجته المخبئ عنه والذي عجز خلال الأيام المنصرمة على حثها للبوح به حل الوجوم المصډوم على وجهه بالتزامن مع تلك الانقباضة الموجعة التي آلمت صدره لم ينس يوما أنه كان ضلعا رئيسيا في معاناتها وإفقادها لشعور الثقة في الآخرين لم يرحمها مثل غيره وتسبب في هدم أحلامها بعد أن ظنت أنه الملاذ الأخير لها حينما انغلقت الأبواب في وجهها أحس عدي بعذاب الضمير بشيء ما ينغصه تجمد في مكانه كالصنم فلم يصدر عنه إلا أنفاس متلاحقة مضطربة تأهبت حواسه مع عودة تقى للحديث برقتها الحانية
مهما كان اللي حصل زمان فمتحمليش نفسك فوق طاقتها وربنا أكيد عاينلك الأحسن قدام إنتي بس اصبري واحتسبي وربنا كرمه كبير
حاولت أن تشد من أزرها أكثر فأضافت بثبات
أنا كانت مصېبتي ماتتحكيش ومحدش أصلا يصدقها
تنفست بتمهل لتضبط انفعالاتها قبل أن تتأثر انخفض صوتها تدريجيا فأصبح أكثر عمقا وهي تكمل
شوفت سواد ومرار وظلم مافيش بني آدم يقدر يستحمله حياتي في لحظة ضاعت ولاقيت نفسي مقدميش إلا إني أعيش مع أكتر حد بأكرهه وڠصب عني و....
بترت عبارتها مجبرة كي لا تعيد نبش آلامها التي تعايشت معها وتجاوزتها بعد كفاح وصبر ومثابرة ادعت الابتسام لتنظر إلى ليان بعينين لامعتين وهي تقول لها
بس شوفي دلوقتي أنا بقيت عاملة إزاي وحياتي بقت إيه
هدأت نهنهات ليان وبدأت رجفتها في الانحصار لاحظت تقى تأثير كلماتها عليها فأضفت بتفاؤل
يعني مافيش حاجة بتفضل على حالها كلنا بنمر بفترات صعبة في حياتنا وبنتعلم منها استبشري خير باللي جاي وإن شاءالله ربنا هيعوضكم خليكي واثقة في ده
ثم ربتت على جانب ذراعها بود لتزيد من دعمها المعنوي لها
بصي قدامك يا ليان وماتقفيش عند الماضي كتير لأنه هيوجعك كل ما تفكري فيه انسيه وكملي مع عدي حياتكم
رققت تقى من نبرتها لتكمل بخجل
وبعدين هو فعلا بيحبك أوي
ومستعد يعمل أي حاجة عشان يشوفك سعيدة ايدوا لنفسكم الفرصة تستمتعوا ببعض
ظهر شبح ابتسامة باهتة على جانب شفتي ليان ففضفضتها معها أفادتها إلى حد ما وأخمدت ما اعتراها من ثورة مشټعلة اطمأنت ابنة خالتها لتجاوبها معها فضمنتها إلى أحضانها دون أن تضيف المزيد فيكفيها أن تكون مصدر الثقة لها لتخبرها هي تحديدا بأحاسيسها همست لها ليان بامتنان
ربنا يخليكي ليا أنا مش عارفة أقولك إيه إنتي ملاك
ردت مبتسمة
أنا معملتش حاجة المهم عندي إنك تكوني بخير
مسحت ليان بأطراف أناملها بقايا عبراتها المنسابة على وجنتيها لتعاود شكرها من جديد ببحة ملحوظة في نبرتها
ميرسي بجد يا تقى أوس حقيقي محظوظ بوجودك معاه وجمبه وعنده حق إنه يتمسك بيكي لآخر نفس في حياته
ابتسمت بخجل وقد تورد وجهها بدرجة ملحوظة لمدحها إياه وهي بالفعل قد رأت ذلك التغيير الجذري منه وعلى الجانب الآخر كان عدي أكثر تأثرا بحديثهما اكتشف الكثير عن زوجته من خلال حديثها العفوي شعر بكبر حجم مسئوليته تجاهها بأن دوره يحتم عليه دعمها وتفهم مشاعرها دون عتاب أو قسۏة بتخطي تلك الفترة القاسېة ونسيان ذكراها بإكسابها الثقة من جديد في نفسها بالتأكيد على صدق حبهما لذا ردد لنفسه بعزم
هنعدي ده كله يا ليوو وده وعد مني!
لم يعرف أن طول صمته يعني تفكيره في إنجاز شيء ما يحتاج لتركيزه الكامل ولصفاء ذهنه ليخرج بالصورة المرجوة راقبه عدي بتمعن دون أن يتفوه بكلمة فهو من يعرف صديقه جيدا ويفهم كيف يتعامل مع الأزمات بطرق يعجز هو عن الوصول لحلول تنهيها بشكل قطعي تأمله بشرود حتى خرج أوس عن طور سكونه ليردف بنبرة ترهب الأبدان
حسابها قرب أوي
سأله عدي باهتمام
ناوي على إيه معاها
تجهمت تعابيره لتظهر تكشيرة جانبية وهو يجيبه
أكيد مش خير
أضاف عدي محذرا
هي عاملة شوشرة جامدة وده مأثر على أسهم الشركة وتعاملتها فكرني بوضعنا أيام د. مهاب و...
مجرد التطرق لذكرى ما فعله والده الراحل مع تقى كان كفيلا بإثارة دمائه قست ملامحه وتوحشت نظراته مقاطعا إياه
عدي
ابتلع الأخير ريقه خوفا من غضبته الوشيكة ليعتذر مرددا
أنا مقصدش
ثم صمت للحظة قبل أن يتابع معللا
بس لو فضلنا بالشكل ده هنخسر اللي حققناه فمحتاجين حل يخرجنا من مشكلتها بأقل الخساير
علق أوس متوعدا
ده لو كنت أنا فعلا لمستها
تنهد مكملا بحذر ونظراته أقرب للتوتر
أنا متأكد إنك متعملش كده بس الناس بتصدق اللي قدامها
كان حديثه أقرب إلى الصواب لذا رد عليه متسائلا بغموض وقد بقيت حدقتاه مركزة على وجهه
هي مش استخدمت الميديا ضدي
أجابه على عجالة ودون تفكير
أيوه
أكمل بهدوء أصاب جسده بالقشعريرة
وأنا هحاربها بنفس سلاحھا في الأول
سأله مستفهما
إزاي
رد باقتضاب زاد من فضول رفيقه
بعدين هاقولك
ثم اعترت أوس ابتسامة واثقة عكست ثباتا انفعاليا عجيبا قبل أن يكمل
هتتفاجئ باللي هاعمله فيها
اندفع زفير عدي بقوة