الأحد 24 نوفمبر 2024

ساعديني

انت في الصفحة 7 من 11 صفحات

موقع أيام نيوز


مش في الوظيفة اللي رايحها 
لا مش بفول في وشك ولا حاجة وعايز اعرفك كمان أنه اتقبل فيها بمجرد ما راجل ليه كلمة وإسم معروف في البلد اتوسط ليه لكن الشاب ده حب يعلمهم درس 
بصيت ليه بفضول وهو بياخد نفس طويل اللي في ايده وبيخرجه بلا مبالاة وقولتله يكمل اللي حصل لكن زادت حيرتي لما لقيته ضحك 
ليه كل مبكلمك بتضحك قولي ايه حصل وايه هي الوظيفة اللي اترفض منها عشان مفيش معاه واسطة ولما بقى معاه واسطة ايه حصل ودرس ايه اللي اتكلمت عنه

مسكت فرامل فجأة ووقفت التاكسي وقولتله
حمدالله على سلامتك يابيه انت وصلت 
بصيت ليه ورجعت بصيت للمكان وكان مكتوب بالخط العريض أمن الدولة قبل ما أنزل حسيت إني عايز أكمل باقي الحكاية فسألته
ايه اللي حصل مع الشاب اللي حكيت عنه لسة عايز اعرف أكتر 
شاورت على البوابة الرئيسية للمبنى وقولت
الباب ده بمجرد ما تدخله هتعرف كل حاجة أنت محتاج تعرفها 
حسيت كلامه كله الغاز مهتميتش كتير وقررت أدخل اكمل مهمتي اللي جاي عشانها وقبل ما اقفل باب التاكسي طلعت من جيبي آخر ١٠٠ جنيه معايا وبصيت ليه بإبتسامة بادلني زيها 
عايز كام
عايز حاجة أهم من الفلوس 
مش فاهم قصدك
شغلت العربية وبصيت ليه قبل ما اتحرك وسيبت ليه جملة
وأنا قدك كنت لابس نفس بدلتك وفي ايدي الملف بتاعي ونفس نظرة الأمل اللي في عيونك كنت حاسس بيها دخلت بكل حماس وأمل خرجت مكسور الخاطر فاكر في اليوم ده إن مكانش في جيبي غير هي خمسة جنيه 
الخمسة جنيه دي على أيامي كانت مبلغ يعادل ال ١٠٠ جنيه اللي ماددهالي دي دفعتها لمواصلاتي ويادوب الباقي منها سد جوعي عشان كده مش هاخد منك الفلوس ولو لينا نصيب نتقابل تاني
هيبقى فيه كلام اكتر من كده ربنا معاك ويكون نصيبك أحسن من نصيبي 
بصيت ليه بذهول وهو ماشي معقول فيه ناس لسة بتفكر في غيرها فيه ناس لسة بالطيبة دي ابتسمت ودخلت من البوابة وجوايا توتر غير طبيعي الوضع آمن لكنه غير مريح بع ما انتهى التفتيش والتحقيق لمدة ربع ساعة على أول بوابة دخلت وانتظرت إسمي يتنادى عليه 
انتظرت كتير وكل ما بشوف شخص داخل قبل مني وخارج قلبي بيدق أكتر لأن دوري بيقرب فضلت على الحال ده كتير والاستغفار كان بيهون عليا لحد ما جه الوقت اللي هدخل فيه واعمل إنترڤيو 
دخلت القاعة وبصيت على كل زاوية فيها كانت كبيرة لدرجة مقدرتش اتخيلها تقريبا عمري ما شوفت مكان اوسع من كده انبهاري كان باين على وشي وإختفى بمجرد ما سمعت صوت الشخص اللي قاعد على المكتب وبيقولي أقعد 
ال cv بتاعك لو سمحت 
مديت ايدي ليه وفتح ال CV وبدأت أراقب ردود أفعاله مع كل صفحة بيقلبها لحد ما قفله بدأ يسألني شوية أسئلة رسمية وكنت
بجاوب بكل ثقة لحد ما وقفت عند سؤال خلاني أحس إن خلاص حلمي مش هيتحقق وكان السؤال هو
معاك واسطة
بصراحة يا فندم لا لكن معايا الأحسن منها 
متوقع إنك هتتقبل
وليه لا 
تقريبا مفيش أي مكان بتتقبل فيه غير بواسطة لكن خليني اشوف إيه الأحسن من الواسطة اللي قولت عنه 
تفتكر مين غير ربنا
كلامك ده سمعته كتير قبل كده وللأسف مينفعش هنا ربنا معانا كلنا لكن دي قواعد وقوانين شغل لازم تتنفذ 
ملفي أكبر وأعظم واسطة بعد ربنا يخليني أتقبل في أي وظيفة قولي انهي قانون نص على إن المواطن المصري لازم يكون معاه واسطة عشان يتقبل في وظيفه في بلده 
إطلع بره 
بتطردني عشان بتكلم جد وده الصح
قاطع كلامي الملف بتاعي وهو طاير في وشي وكل ورقة فيه وقعت قدام عيوني نزلت على ركبتي ولمېت ورقة ورقة واخدت الباقي من كرامتي والملف في إيدي وخرجت برا المبنى خالص 
شعوري في اللحظة دي مش قادر اوصفه اتمشيت كتير جدا ومحسيتش بۏجع رجلي لحد ما لقيت نفسي قصاد البحر قعدت على صخرة كبيرة وبصيت للموج وهو بيضرب في بعضه ونزلت دموعي ڠصب عني حلمي راح وحلم أبويا راح تعب سنين عيشت ادرس فيها عشان الحظة دي بقى في الأرض هي دي مصر!!
بلد بتدعم كل االأغراب الا شعبها الشاب مننا من صغره بيدرس واهله صارفين عليه عشان يبقى حاجة مشرفة ويجي واحد راجعي يقوله مۏت انت واحلامك لأن معاكش واسطة لو اتغربنا وسافرنا بره هنتعب ويا عالم هنقدر نلاقي شغل ونرجع لأهالينا تاني ولا نفضل في بلدنا ونتجه لكل ماهو حرام في الدنيا وبالتالي هنعيش في مجتمع راجعي ومتوحش 
سندت دماغي على ركبتي وقعدت أفكر في اللي هعمله إفتكرت ذكريات راحة عن بالي بقالها سنين زي مايكون ربنا حب يطمني والذكريات دي إشارة 
كان فيه زمان جار ليا في بيتي القديم مچنون لبسه مبهدل ريحته وريحة الأوضة اللي قاعد فيها لا تطاق بيخرج ياكل من الشارع ويرجع يشرب حجر معسل وينام ويصحى تاني يوم يكرر نفس يومه والأطفال كانت بتستقبله بأسوء الألفاظ والمعاني اللي بتتقال لأي شخص مچنون 
الطوب اللي في الشارع كان بيحوشه في جيبه عشان يضرب بيه اللي بيضربه دماغه من كتر الإصابات أصبحت تعبانه وكله بسبب الناس اللي بتجري وراه بالطوب كنت بخاف منه وهو ماشي ليإذيني رغم إني معملتش ليه أي حاجة 
وفي يوم من الأيام كنت قاعد في بيت جدي وهو جاي يشتري معسل كعادته رجعت كام خطوة لورا لما لقيته دخل عليا في المكان اللي واقف فيه وقالي تعالى وقتها مش عارف أنا قربت منه ازاي ووقفت قصاده رفع إيده اللي مليانه تراب وغير نضيفة بالمرة وقالي
أنت في سنه كام
في سته إبتدائي ليه
بتعرف تقرأ
أكيد ده انا شاطر في المدرسة 
مد ايده فوق الشباك اللي قصاده وجاب منها كتب وأوراق وقالي
أنا كمان بعرف اقرأ إسمع 
بصيت ليه وأنا مذهول وقولت
أنت بتعرف تقرأ إزاي
وبقرأ انجليزي وفرنساوي كمان 
كنت مصډوم ومش مصدق كلامه لحد ما قرألي فعلا كلام مفهمتوش لأن بالفرنساوي وبعدين مشي قعدت مكاني استوعب اللي حصل وكل يوم بيعدي ومش قادر انسى اللي شوفته لحد ما سألت بابا عنه وقالي أنه كان متفوق في دراسته وكل سنه بيطلع من الاوائل لكن بسبب ان حلمه اتدمر وموصلش ليه اټجنن 
كنت أوقات بحس أنه بيمثل أنه مچنون أصل إزاي شخص مچنون هيعرف يقرأ اللغات دي لحد ما صحيت في يوم على خبر ترحيله لمستشفى العباسية للصحة النفسية 
كبرت ودخلت ثانوي وبدأت اذاكر لحد ماجه أول يوم العيد كنت واقف مع زمايلي قصاد بيتي ولمحته خارج من الشارع بتاعي استغربت أنه لسة عايش لكن انبسطت ملامحه كبرت
وشكله أصبح مقبول عن الأول لكن ضهره محڼي لقدام دايما وهو ماشي جه وقف قصاد مني وسلم عليا وقال
ازيك انت ابن مين
سلمت عليه وضحكت ليه وعرفته أنا اسمي ايه وابن مين وكان رده عليا هو
كبرت وبقيت عريس ضحكت معاه وعرفت انه خلص مدة علاجه وعايش مع أخته حياته انتهت بمجرد ما حلمه اتدمر شبابه راح وهو بيداوي تعبه اللي اتسبب فيه موظف زي الموظف اللي طردني النهاردة اصبح شخص متعلم ومثقف لكنه تعبان وعاطل وأصبح قعيد ومسن في بلده اللي بتدعم الأغراب 
فاكر يوم ماكنت بجهز شنطتي عشان ابعد عن بلدي واروح لبلد بعيدة اعيش فيها لأن كليتي غربتني وأنا ماشي لقيته واقف قصاد بيتي وبيسلم عليا وقالي
إياك واليأس طول مانت جواك الحلم فهتقدر تعيش عشان تحققه متستسلمش للفشل زيي متخليش نفسيتك تتأثر بحاجة نفسك فيها
ومقدرتش توصل لها اعتبرها مش مكتوبالك ودور على حاجة مناسبة ليك غيرها 
مش شرط تشتغل بشهادتك المهم إنك تثبت نفسك في أي حاجة في حياتك افتكر دايما ان وزير الصحة
مش دكتور د هالة زايد مش دكتورة كلها بتكون مسميات مش اكتر اهم حاجة إنك تثبت نفسك في أي حاجة تدخلها 
يعني أنا مثلا قعدت أذاكر وجيبت 89 في ثانوي وذاكرت 7 سنين في كلية هندسة عشان أبقى بياع على عربية ايس كريم وبقى ليا محل كبير ومعروف 
خرجني من ذكرياتي نفس الشخص اللي كان موصلني الصبح بصيت ليه بإستغراب وقولتله
انت بتعمل ايه هنا
باجي كل يوم ليا محل ورد هنا تحب احكيلك باقي القصة اللي قولتهالك الصبح
بصيت لمحل الورد اللي شاور عليه واتسغربت لأن ده تقريبا اشهر محل ورد وكل الناس بتتكلم عنه بصيت ليه بإنبهار وقولت
بالنهار سواق وبالليل بتوقف في محل الورد !
قدرت اثبت نفسي وعملت مشورع على قدي ونجح 
بالمناسبة أنا عرفت تكملة القصة اللي حكيتهالي الصبح 
عارف 
إزاي عرفت
لأن من ٢٥ سنه أنا كنت قاعد نفس قاعدتك دي ومن القاعدة هنا جتلي فكرة محل الورد اللي هناك ده 
انت جيتلي منين
يبني دي دنيا ودايرة وفيه مليون واحد زيينا المهم إنك متستسلمش لأن معاد نجاحك لسه ماجاش لكن أنت مش فاشل 
مقولتليش إيه الدرس اللي علمته ليهم لما قبلوك في الوظيفه
والدي كان ليه معارف كبيرة لواءات وغيرهم كلم حد منهم وتاني يوم كان في رقم بيرن عليا وقالي الموظف إياه مستنيك بكرا واخدت الميعاد وروحت 
استقبلني أحسن استقبال وطلب ليا قهوة مانا تبع شخص مهم بقى خلص معايا أسئلة واعتذر عن طريقته اللي كلمني بيها قبل كده فأخدت الملف من نفسي وقولتله مستحيل اقبل اشتغل في مكان فيه واحد زيك ولا أقبل في يوم اقعد مكانك واضطر اقول لشاب طموح الكلام اللي قولتله ليا تحت بند ان دي شروط الشغل عامل النظافة اللي في الشارع يمتلك اخلاق عنك 
وقبل ما ينطق كنت خرجت من المكان كله ومقدرش يعملي حاجة رغم إن هزقته في مكان شغله لكنه مقدرش يتكلم بسبب الواسطة اللي طلبها مني ليإذيه وهو ميعرفش ان الواسطة اللي جتله دي من شخص أنا معرفش هو عايش ولا مېت اصلا 
قومت وبصيت للسما وانا بحمد ربنا أنه دايما بيوقف جانبي اللي افتكرته لجاري اللي كان مچنون زمان وحكاية بياع الورد اثبتولي ان النجاح عمره مكان مرهون بطريق واحد 
ل ندى ناصر 
استني عندك انتي رايحه فين
وقفت استوعب نظراته اللي جابتني من فوق لتحت وبعدين
 

انت في الصفحة 7 من 11 صفحات